إلى ما تحتاج الكنيسة اليوم؟  «متفرقات

 

 

 

إلى ما تحتاج الكنيسة اليوم؟ 

 

 

"إن قدّيسي الحياة العاديّة وشهداء اليوم هم الذين يحملون قدمًا مسيرة الكنيسة من خلال شهادتهم الصّادقة والشّجاعة ليسوع القائم من الموت بفضل عمل الرّوح القدس" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.

 

استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من كتاب أعمال الرّسل (5/ 27 -33) والتي تحدّثنا عن شجاعة بطرس الذي وبعد أن شفى رجلاً كسيحًا بدأ يعلن قيامة يسوع من الموت أمام المجلس وعظيم الأحبار الذين استَشاطوا غَضَبًا، وعَزَموا على قَتلِه. كانوا قد نَهَوه نَهْيًا قاطِعًا أَن يَذكُر اسمَ يَسوعَ أَو يُعَلِّم بِه، لكن بطرس استمرّ في إعلان الإنجيل وقال لهم: "أَمِنَ البِرِّ عِندَ اللهِ أَن نسمَعَ لَكُم أَمِ الأَحرى بِنا أَن نسمَعَ لله؟ اُحكُموا أَنتُم. أَمَّا نَحنُ فلا نَستَطيعُ السُّكوتَ عن ذِكْر ما رَأَينا وما سَمِعنا".

 

 إنّ شجاعة بطرس هذه لا علاقة لها بجُبن بطرس في ليلة خميس الأسرار عندما كان مرتعبًا وخائفـًا وأنكر الربّ ثلاث مرّات. فبطرس قد أصبح الآن قويًّا في الشّهادة، والشّهادة المسيحيّة تسير على درب يسوع عينه: درب بذل الحياة، وبالتالي بشكل أو بآخر فالمسيحيّ يخاطر بحياته عندما يقدّم شهادة حقيقيّة.

 

إنّ التطابق بين الحياة وما رأيناه وسمعناه هو بداية الشّهادة. لكن الشّهادة المسيحيّة هي أكثر من ذلك فهي ليست فقط شهادة الذي يقدّمها لأنّها على الدوام شهادة شخصين كما يقول بطرس: "ونَحنُ شُهودٌ على هذِه الأُمور. وكذلِكَ يَشهَدُ الرُّوحُ القُدُسُ، الَّذي وهَبَه اللهُ لِمَن يُطيعُه". فبدون الرّوح القدس لا وجود للشّهادة المسيحيّة، لأنّ الشّهادة المسيحيّة والحياة المسيحيّة هما نعمة يمنحنا الربّ إيّاها بواسطة الرّوح القدس.

 

بدون الرّوح القدس لا يمكننا أن نكون شهودًا، لأنّ الشّاهد هو الشّخص الذي يعيش التطابق بين ما يقوله وما يفعله وما ناله أي الرّوح القدس، هذه هي الشّجاعة المسيحيّة وهذه هي الشّهادة. إنّها شهادة العديد من شهدائنا اليوم الذي طُردوا من أرضهم وبالرّغم من أنّهم نازحين ومُضطهدين هم يتحلّون بالشّجاعة ليعترفوا بيسوع حتى آخر لحظة من حياتهم، وصولاً إلى الموت؛ إنّها شهادة أولئك المسيحيّين الذين يعيشون حياتهم بشكل جديّ ويقولون: أنا لا يمكنني أن أتصرّف على هذا الشّكل، كما لا يمكنني أن أؤذي شخصًا آخر أو أنا لا يمكنني أن أغشَّ أحدًا ولا يمكنني أن أعيش نصف حياة بل ينبغي علي أن أقدّم شهادتي". والشّهادة هي أن يقول المرء ما رآه وسمعه في الإيمان أي أن يعلن يسوع القائم من الموت بواسطة الرّوح القدس الذي ناله كعطيّة.

 

 نسمع في الأوقات الصّعبة في التاريخ "إن الوطن يحتاج لأبطال" إنّه قول صحيح ولكن إلى ما تحتاج الكنيسة اليوم؟ تحتاج لشهود وشهداء: فالشهود أي القدّيسون، قدّيسو كلّ يوم أي أولئك الذين يعيشون حياتهم اليوميّة بصدق ويشهدون حتى النهاية وحتى الموت أحيانًا. هؤلاء هم دم الكنيسة الحيّ؛ هؤلاء هم الذين يحملون مسيرة الكنيسة قدمًا؛ الشّهود هم الذين يشهدون أن يسوع قام من الموت وبأنّه حيّ، وذلك من خلال شهادة حياة صادقة وبواسطة الرّوح القدس الذي نالوه كعطيّة.

 

إذاعة الفاتيكان.